الملائكة يحفظون العبد من ‏بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء القدر خَلَّوْا عنه، وجاءت الآيات القرآنية تؤكد هذا المعنى في قوله تعالى: ‏ ‏وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة‏ ‏ {الأنعام: 62}.

وقوله سبحانه: ‏ إن كل نفس لما عليها حافظ ، ولذلك لما قيل لعلي رضي الله عنه: إن نفرًا يريدون ‏قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه فيما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، إن الأجل جنة ‏حصينة.

ومنهم الكتبة الذين يكتبون عمل الإنسان، يقول سبحانه: ‏ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، فإذا تكلم ‏الإنسان بكلمة يرقبها الملك الموَكَّل بكتابتها فيكتبها إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، قال سبحانه: ‏ وإن ‏عليكم لحافظين (10) كراما كاتبين (11) يعلمون ما تفعلون ‏.

ومنهم الموَكَّل بالرحم: فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ‏مر بالنطفة اثنان وأربعون ليلة بعث الله تعالى إليها ملكًا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها ‏وعظامها، ثم قال: أي ربِّ: ذكر أم أنثى، فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك". رواه مسلم.

وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون ‏علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع؛ بِكَتْبِ رزقه، ‏وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد". رواه البخاري ومسلم.

ومنهم الموَكَّل بالوحي، يقول تعالى: ‏ نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) ‏بلسان عربي مبين ، ويقول سبحانه: ‏ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما ‏بين يديه ، ويكاد جبريل عليه السلام يختص بهذه الوظيفة.

ومنهم الموكل بقبض روح العباد، يقول سبحانه: ‏ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ‏ترجعون ، وملك الموت له أعوان ينزعون روح المؤمن في سهولة ويسر كما تنزع القطرة من فم الإناء ‏وينزعون روح الكافر بصعوبة كما تنزع الشوكة من الصوف المبتل، يقول جل شأنه: ‏ وهو القاهر فوق ‏عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ، ويقول سبحانه: ‏ ‏ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب ‏الهون ، ويقول جل شأنه: ‏ فكيف إذا توفتهم الملائكة على أهلها:

‏1- معلم الناس الخير، ففي حديث أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وملائكته، حتى ‏النملة في حجرها، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير". {صحيح الجامع 2-133}.

‏2- الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي الحديث: "ما من عبد يصلي عليَّ إلا صلت عليه ‏الملائكة، ما دام يصلي عليَّ فليقل العبد من ذلك أو ليكثر". {صحيح الجامع 5-174}.

‏3- المتسحرون، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إن الله ‏وملائكته يصلون على المتسحرين". {صحيح الجامع 153}.

‏4- من عاد مريضًا، فعن علي رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من امرئ مسلم ‏يعود مسلمًا إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه..." {صحيح الجامع}.

‏5- المصلون في الصف الأول، ففي الحديث: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول". {صحيح الجامع ‏‏6-21}.

يقول سبحانه: ‏ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب (23) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، ‏والملائكة تستغُفر للمؤمنين وتصلي عليهم.

والملائكة تبشر المؤمن عند الاحتضار عند خروج الروح وقبل أن تفارق الجسد بالنعيم والرضوان، يقول ‏سبحانه: ‏ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة تحب المؤمنين، ففي الحديث "أن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل، إن الله قد أحب فلانًا ‏فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: إن الله قد أحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء ‏ويوضع له القبول في الأرض". {رواه مسلم}.

فإن أراد العبد قبولاً في الأرض فطريقه محبة الله التي لا تأتي إلا بفعل الواجبات وترك المحرمات، ثم بفعل ‏المستحبات وترك المكروهات، ففي الحديث: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..."، كما أنها ‏تدعو العباد إلى فعل الخيرات، ففي صحيح البخاري: "ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان، فيقول ‏أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا".‏




المصدر: